تكتسح التكنولوجيا يومياتنا، وترافق الفرد في لحظات عمله وراحته. لم يعد بمقدور الناس عدم مجاراة التقدم التقني الحاصل الذي بات يسهّل كل وسائل المعرفة والاطلاع والحياة. قرّب المسافات بين الشعوب، لكنه ولّد نتائج سلبية اخترقت خصوصيات الناس في كل المجتمعات وأدّت الى خسائر عبر "فايروسات" أو عمليات إحتيال إلكترونية. يوميا تُرصد تلك العمليات وتُصنّف فعلياً في خانة الجرائم المعلوماتية التي ضربت دولا ومؤسسات حكومية. أين لبنان منها؟.
لعبت قوى الامن الداخلي دورا مهما في إجهاض مشاريع جرمية، من خلال توعية برزت خلالها رئيسة مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في الشرطة القضائية المقدم سوزان الحاج. لكن أين هي اليوم؟ لماذا غابت عن التوعية المطلوبة؟ هل هو تقصير من الحاج؟ أم من قوى الامن الداخلي؟ لا يكفي أن تصدر تحذيرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مختصر. المطلوب محاكاة المواطنين بكل الطرق والوسائل. هنا يجب الشرح والتفسير لاجهاض عمليات إلكترونية لا تنفع معها التحركات اللاحقة. بل المطلوب الردع المسبق عبر توعية المواطنين. منذ فترة بسيطة، تمدّد فيروس "الفدية المالية" عبر العالم، وهو فيروس يطل في كل مرة ويصيب الاجهزة العاملة بنظام التشغيل "ويندوز". ويمنع المستخدم من الوصول الى نظام التشغيل، ويشفّر جميع البيانات المخزّنة على جميع الكومبيوتر.
كلما توسع الاعتماد في لبنان على تكنولوجيا الاتصالات، كلما ازدادت الحاجة الى توعية المستخدمين. خصوصا ان شركات وافرادا في كل عواصم العالم يتعرضون لحملات اجرامية معلوماتية. يطلب القراصنة من المستخدم اموالا تتفاوت نسبتها بين محطة وعاصمة وملف.
هل يعلم المواطنون انهم ضحايا معرضين لتلك العمليات؟ هواتفهم قابلة للخروقات وسرقة المعلومات.
في الفترة القليلة الماضية توسع وجود فيروس يصيب اجهزة الكومبيوتر. يشفّر الفيروس البيانات والملفات المهمة، ثم يطلب فدية، وتكون في أغلب الأحوال من عملة "بيتكوين" الإلكترونيّة، مقابل مفتاحٍ إلكتروني لفكّ تشفير الملفات. وإذا لم يكن للمستخدمين نسخة من ملفاتهم، عليهم إما الدفع أو مواجهة خسارة الملفات جميعاً. الشروحات التي كان يقتضي شرحها للمستخدمين اعلاميا، مثلا :
يسيطر "بيتيا" على أجهزة الكمبيوتر ويطلب 300 دولار من عملة "بيتكوين". وينتشر الفيروس بسرعة في مؤسسة ما، ما دام أحد أجهزة الكمبيوتر قد أصيب، باستخدام نقطة حساسة في "ويندوز"، وأصدرت "مايكروسوفت" علاجاً لها لكن بعض المستخدمين لم يحدثوها.
كل ذلك يفرض على الوحدة الامنية المتخصصة في لبنان العودة الى نشاطها الاعلامي لتوجيه الناس. لقد استساغ المواطنون اطلالات سوزان الحاج سابقا، فلماذا تقصّر الآن في الاطلالات الاعلامية والمحاضرات؟ من المسؤول عن التقصير؟ علما انها كانت وجهاً محبباً عند الناس، ينصتون بإنتباه الى معلوماتها، ويصغون الى دور وحدتها الامنية الردعية.